الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْقِصَاصِ.(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَالُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَاحْتُرِزَ بِسُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنْ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بَلْ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِيَ فَلِلْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ الدِّيَةُ، وَإِنْ عَيَّنَهُ فَأَنْكَرَ فَكَذَلِكَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ الْعَفْوُ بِيَمِينِ الرَّدِّ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْعَفْوِ مَجَّانًا أَوْ مُطْلَقًا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلِلْبَاقِينَ حِصَّتُهُمْ مِنْهَا. اهـ.(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِ الْعَفْوِ مِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَنْ الْقِصَاصِ لَا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ شَاهِدَانِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِحُجَّةٍ نَاقِصَةٍ لَا يُحْكَمُ بِسُقُوطِهِ بِهَا أَمَّا إثْبَاتُ الْعَفْوِ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ فَيَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِذَلِكَ فَكَذَا إسْقَاطُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَقَرَّ مَا لَوْ شَهِدَ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِيَ فَكَالْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَعَيَّنَ الْعَافِيَ وَشَهِدَ بِأَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ جَمِيعًا بَعْدَ دَعْوَى الْجَانِي قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي الدِّيَةِ وَيَحْلِفُ الْجَانِي مَعَ الشَّاهِدِ أَنَّ الْعَافِيَ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ فَقَطْ لَا عَنْهَا وَعَنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ بِالْإِقْرَارِ فَيُسْقِطُ مِنْ الدِّيَةِ حِصَّةَ الْعَافِي، وَإِنْ شَهِدَ بِالْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ فَقَطْ لَمْ يَسْقُطْ قِصَاصُ الشَّاهِدِ. اهـ.(قَوْلُهُ: بِمَحَلِّ كَذَا) أَيْ كَالْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ أَيْ كَأَنْ قَالَ قَتَلَهُ فِي الْعَشِيِّ أَوْ فِي الدَّارِ أَوْ بِرُمْحٍ أَوْ بِشَقِّهِ نِصْفَيْنِ. اهـ. مُغْنِي.(قَوْلُهُ: لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا إلَخْ) أَيْ وَلَا لَوْثَ بِهَا. اهـ. مُغْنِي.(قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَصْلِ الْقَتْلِ) أَيْ وَالِاخْتِلَافُ فِي الصِّفَةِ رُبَّمَا يَكُونُ غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا. اهـ. مُغْنِي.(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) يَعْنِي لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي الزَّمَانِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَكَانِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ بِمَكَّةَ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ بِمِصْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ وَصِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.(قَوْلُهُ: زَمَنًا فِي مَكَانَيْنِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يَوْمًا أَوْ نَحْوَهُ فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ. اهـ.(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْيَوْمَ) وَمِثْلُ الْيَوْمِ مَا لَوْ عَيَّنَا أَيَّامًا تُحِيلُ الْعَادَةُ مَجِيئَهُ فِيهَا وَقَوْلُهُ لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَا وَلِيَّيْنِ يُمْكِنُهُمَا قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لَا مُعَوَّلَ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ. اهـ. ع ش.(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَلَوْثٌ تَثْبُتُ بِهِ الْقَسَامَةُ دُونَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَارِثُ قَتْلًا عَمْدًا أَقْسَمَ، وَإِنْ ادَّعَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ حَلَفَ مَعَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْقَتْلِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ مَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ فَعَلَى الْجَانِي، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِإِقْرَارِهِ بِقَتْلِ عَمْدٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِقَتْلِ عَمْدٍ وَالْآخَرُ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ ثَبَتَ أَصْلُ الْقَتْلِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْكَارُهُ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ لِصِفَةِ الْقَتْلِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ جُعِلَ نَاكِلًا وَحَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا وَاقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِنْ بَيَّنَ فَقَالَ قَتَلْتُهُ عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ قَتَلَهُ خَطَأً فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ الْعَمْدِيَّةِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِذَا حَلَفَ لَزِمَهُ دِيَةُ خَطَأٍ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاقْتَصَّ مِنْهُ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا وَآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْرًا أَقْسَمَ وَلِيَّاهُمَا لِحُصُولِ اللَّوْثِ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا. اهـ.(قَوْلُهُ: وَهُوَ لَوْثٌ) أَيْ شَهَادَتُهُمَا وَالتَّذْكِيرُ لِرِعَايَةِ الْخَبَرِ.
.كِتَابُ الْبُغَاةِ: جَمْعُ بَاغٍ مِنْ بَغَى ظَلَمَ وَجَاوَزَ الْحَدَّ لَكِنْ لَيْسَ الْبَغْيُ اسْمَ ذَمٍّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَنَا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا خَالَفُوا بِتَأْوِيلٍ جَائِزٍ فِي اعْتِقَادِهِمْ لَكِنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيهِ فَلَهُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ نَوْعُ عُذْرٍ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِمْ وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ عِصْيَانِهِمْ أَوْ فِسْقِهِمْ مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ أَوْ لَا تَأْوِيلَ لَهُ أَوْ لَهُ تَأْوِيلٌ قَطْعِيُّ الْبُطْلَانِ أَيْ وَقَدْ عَزَمُوا عَلَى قِتَالِنَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْخَوَارِجِ أَوْ ظَنِّيُّهُ لِأَهْلِيَّتِهِ لِلِاجْتِهَادِ لَكِنَّ خُرُوجَهُ لِأَجْلِ جَوْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ لِمَا يَأْتِي فِيهِ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا تَمْنَعُ الْعِصْيَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَشْتَرِطُونَ التَّأْوِيلَ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ إلَى الْآنَ وَهُمْ مُصَرِّحُونَ بِانْقِطَاعِهِ مِنْ نَحْوِ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْبُغَاةِ الَّذِينَ (هُمْ) مُسْلِمُونَ فَالْمُرْتَدُّونَ إذَا خَرَجُوا لَا تَثْبُتُ لَهُمْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ بَلْ يُقْتَلُونَ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ (مُخَالِفُو الْإِمَامِ) وَلَوْ جَائِرًا لِحُرْمَةِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ أَيْ لَا مُطْلَقًا بَلْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَا يَرِدُ خُرُوجُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمَعَهُمَا كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ عَلَى يَزِيدَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَدَعْوَى الْمُصَنِّفِ الْإِجْمَاعَ عَلَى حُرْمَةِ الْخُرُوجِ عَلَى الْجَائِرِ إنَّمَا أَرَادَ الْإِجْمَاعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَاسْتِقْرَارِ الْأُمُورِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِي الْحُرْمَةِ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي لَهُ تَأْوِيلٌ وَغَيْرِهِ (بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (الِانْقِيَادِ) لَهُ بَعْدَ الِانْقِيَادِ لَهُ كَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ (أَوْ مَنْعِ حَقٍّ) طَلَبَهُ مِنْهُمْ وَقَدْ (تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ) الْخُرُوجُ مِنْهُ كَزَكَاةٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ قَوَدٍ (بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ بِهَا مُقَاوَمَةُ الْإِمَامِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَسْهُلُ الظَّفَرُ بِهِمْ وَبَعْضُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَنْدَفِعُونَ إلَّا بِجَمْعِ جَيْشٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ فِي قَلِيلِينَ لَهُمْ فَضْلُ قُوَّةٍ أَنَّهُمْ بُغَاةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فَضْلُ قُوَّتِهِمْ بِمَا ذُكِرَ أَوْ بِتَحَصُّنِهِمْ بِحِصْنٍ اسْتَوْلَوْا بِسَبَبِهِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْقَلِيلِينَ الَّذِينَ هُمْ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ أَحَدَ عَشَرَ فَأَكْثَرُ بِدَلِيلِ حِكَايَةِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ (وَتَأْوِيلٍ) غَيْرِ قَطْعِيِّ الْبُطْلَانِ يُجَوِّزُونَ بِهِ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ كَتَأْوِيلِ أَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ خُرُوجَهُمْ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَيَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِمْ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْهُمْ لِمُوَاطَأَتِهِ إيَّاهُمْ كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ أَخْذًا مِنْ سَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَمْيَهُ بِالْمُوَاطَأَةِ الْمَمْنُوعَةِ لَمْ يَصْدُرْ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ حَاشَاهُ اللَّهُ مِنْهُ وَتَأْوِيلِ بَعْضِ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَّا لِمَنْ صَلَاتُهُ سَكَنٌ لَهُمْ، وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا إذَا خَرَجُوا بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَانِعِي حَقِّ الشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ عِنَادًا أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ كَتَأْوِيلِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَلَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ كَمَا يَأْتِي بِتَفْصِيلِهِ (وَمُطَاعٍ فِيهِمْ) يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا إذْ لَا شَوْكَةَ لِمَنْ لَا مُطَاعَ لَهُمْ فَهُوَ شَرْطٌ لِحُصُولِهَا لَا أَنَّهُ شَرْطٌ آخَرُ غَيْرُهَا (قِيلَ وَ) الْمُطَاعُ، وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لَكِنْ لَا يُكْتَفَى فِي قِيَامِ شَوْكَتِهِمْ بِكُلِّ مُطَاعٍ بَلْ لَا تُوجَدُ شَوْكَتُهُمْ إلَّا إنْ وُجِدَ الْمُطَاعُ، وَهُوَ (إمَامٌ) لَهُمْ (مَنْصُوبٌ) مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَرَدُّوا هَذَا الْوَجْهَ بِأَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَلَا إمَامَ لَهُمْ وَأَهْلَ صِفِّينَ قَبْلَ نَصْبِ إمَامِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَصَحِّ جَعْلُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَا انْفِرَادُهُمْ بِنَحْوِ بَلَدٍ (وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ) وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ (كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ) لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا أَقَرُّوا عَلَى الْمَعَاصِي كَفَرُوا بِزَعْمِهِمْ فَلَمْ يُصَلُّوا خَلْفَهُمْ (وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ) أَيْ فَاعِلِهَا فَيَحْبَطُ عَمَلُهُ وَيَخْلُدُ فِي النَّارِ عِنْدَهُمْ (وَلَمْ يُقَاتِلُوا) أَهْلَ الْعَدْلِ وَهُمْ فِي قَبْضَتِهِمْ (تُرِكُوا) فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ إذْ لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ بَلْ وَلَا يُفَسَّقُونَ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا وَكَمَا تَرَكَهُمْ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَجَعَلَ حُكْمَهُمْ حُكْمَ أَهْلِ الْعَدْلِ نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ حَتَّى يَزُولَ الضَّرَرُ كَمَا يُعَزَّرُونَ إنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ بَعْضِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا يُفَسَّقُونَ أَنَّا لَا نُفَسِّقُ سَائِرَ أَنْوَاعِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ لَا يَكْفُرُونَ بِبِدْعَتِهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُرُودِ ذَمِّهِمْ وَوَعِيدِهِمْ الشَّدِيدِ كَكَوْنِهِمْ كِلَابَ أَهْلِ النَّارِ الْحُكْمُ بِفِسْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا وَأَثِمُوا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَقَّ فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَاحِدٌ قَطْعًا كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَأَنَّ مُخَالِفَهُ آثِمٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ فَإِنْ قُلْتَ أَكْثَرُ تَعَارِيفِ الْكَبِيرَةِ يَقْتَضِي فِسْقَهُمْ لِوَعِيدِهِمْ الشَّدِيدِ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِمْ بِالدِّينِ قُلْتُ، هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا عِنْدَهُمْ كَمَا أَنَّ الْحَنَفِيَّ يُحَدُّ بِالنَّبِيذِ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مُحَرَّمًا عِنْدَهُ نَعَمْ، هُوَ لَا يُعَاقَبُ؛ لِأَنَّ تَقْلِيدَهُ صَحِيحٌ بِخِلَافِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَاتَلُوا أَوْ كَانُوا فِي غَيْرِ قَبْضَتِنَا (ف) هُمْ (قُطَّاعُ طَرِيقٍ) فِي حُكْمِهِمْ الْآتِي فِي بَابِهِمْ لَا بُغَاةٌ، وَإِنْ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَعَمْ لَوْ قَتَلُوا لَمْ يَتَحَتَّمْ قَتْلُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدُوهَا تَحَتَّمَ.الشَّرْحُ:(كِتَابُ الْبُغَاةِ).(قَوْلُهُ: مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ) يَنْبَغِي وَلَمْ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ.(قَوْلُهُ: أَيْضًا مَحْمُولَانِ عَلَى مَنْ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَ الْخُرُوجِ وَعُذِرَ فِي ذَلِكَ الْجَهْلِ فَلَا إثْمَ وَإِلَّا أَثِمَ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا تَمْنَعُ الْعِصْيَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ) هَذَا يَقْتَضِي عِصْيَانَ الْمُجْتَهِدِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاجْتِهَادٍ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ الْآتِي نَقْلُهُ.(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الِانْدِفَاعِ بِمَا ذُكِرَ.(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ شَوْكَةٍ إلَخْ) لَوْ حَصَلَتْ لَهُمْ الْقُوَّةُ بِتَحَصُّنِهِمْ بِحَصِينٍ فَهَلْ، هُوَ كَالشَّوْكَةِ أَوْ لَا الْمُعْتَمَدُ كَمَا رَآهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَصِينُ ثَبَتَتْ لَهُمْ الشَّوْكَةُ وَحُكْمُ الْبُغَاةِ وَإِلَّا فَلَيْسُوا بُغَاةً وَلَا يُبَالِي بِتَعْطِيلِ عَدَدٍ قَلِيلٍ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَنْوَارِ م ر ش.(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَاتِلُوا تُرِكُوا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَلَا يُقَاتَلُونَ وَلَا يُفَسَّقُونَ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا قَالَ فِي شَرْحِهِ أَمَّا إذَا قَاتَلُوا وَلَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ فَيُقَاتَلُونَ وَلَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ هَذَا وَأَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ إنْ قَاتَلُوا فَهُمْ فَسَقَةٌ وَأَصْحَابُ نَهْبٍ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا قَصَدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ. اهـ.(قَوْلُهُ: كَمَا يُعَزَّرُونَ إنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ بَعْضِ أَهْلِ الْعَدْلِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَّضُوا بِالسَّبِّ فَلَا يُعَزَّرُونَ م ر ش.(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِمْ) أَيُّ أَثَرٍ لِهَذَا التَّعْلِيلِ مَعَ مَا بَعْدَهُ؟.(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخْطَئُوا وَأَثِمُوا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحَقَّ فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ وَاحِدٌ إلَخْ) يَتَّجِهُ أَيْ مَا يَرْجِعُ إلَى الْفُرُوعِ كَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ وَمُقَاتَلَتِهِمْ إيَّاهُ لَا فِسْقَ بِهِ وَلَا إثْمَ لِأَنَّهُ عَنْ تَأْوِيلٍ وَاجْتِهَادٍ وَمَا يَرْجِعُ إلَى الِاعْتِقَادِ فِيهِ الْكَلَامُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا عِنْدَهُمْ) قَدْ يُقَالُ لَا أَثَرَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَأَثِمُوا بِهِ مِنْ حَيْثُ إلَى قَوْلِهِ آثِمٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ إذَا أَثِمَ وَلَمْ يُعْذَرْ لَمْ يُؤَثِّرْ اعْتِقَادُهُ عَدَمَ الْحُرْمَةِ.(قَوْلُهُ: أَوْ كَانُوا فِي غَيْرِ قَبَضَتْنَا) أَيْ وَقَاتَلْنَاهُمْ فَقَاتَلُوا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقَةِ فِي الْهَامِشِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُمْ قُطَّاعٌ بِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ فِي غَيْرِ قَبْضَتِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ.(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدُوهَا تَحَتَّمَ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ قُطَّاعٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوهَا فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ مَا فِي الْهَامِشِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا قَصَدُوا إلَخْ.(كِتَابُ الْبُغَاةِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمْ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الْإِمَامِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ قَالَ ع ش وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي جَعْلِهِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ كَوْنِ الْقَتْلِ مُضَمَّنًا. اهـ.
|